"معلش يا ضحكة البيت"

"معلش يا ضحكة البيت" .

shapes
shapes

 

-لماذا بكى أبي لأول حرب؟!

-سألنا أمي، فصمتت ولم تكترث لاستغرابنا

كان ذلك في اليوم الذي أعلنت الحرب به على غزة، وكعادة أمي.. جهزت خوذة أبي وسترته التي يكتب عليها "press"، أحطناه بهالة الدعاء ومضى!

عمري ستة عشر عامًا،..شهدت خمسة حروب، وكثيرًا من الدموع، الفقد، حزن أبي حين يعود إلى البيت بعد غياب في التغطية الصحفية.

أتعلمون!! يكره أطفال غزة الحرب، وأزيد فوق كرههم كرهًا مضاعفًا.. لأن مشاعر الخوف والقلق تتكدس في قلب أمي، وتبكي: "أبوكم وجهه تعبان، أبوكم عنده تغطية 24 ساعة وأكيد ما أكل"، حين تطل علينا الكهرباء لدقائق، ونراه على شاشة التلفاز!

في ليلة من ليالي الحرب الحالكة، هي الأشد على غزة.. قررت أنا وشقيقتي خلود  تصوير فيديو نطلب من العالم المطالبة بوقف الحرب باللغة الإنجليزية.

على ركام منزل بجانبنا..بدأت بالحديث ومررت بيدي إلى "خلود" لتكمل الحديث وختمنا: "ساعدونا لنظل أحياء".

ومع وصولنا نبأ استهداف صحفي في غزة، تزداد رقعة الخوف في قلوبنا.. كنا نعلم أن الاحتلال يشتد غيظه من المايكروفون بيد أبي ينقل جرائمهم ويفضح حقيقتهم.

 ولكنهم أرادوا رصاصهم هذه المرة في قلب أبي..

قصفوا بيته

فقتلوا

ضحكته

ودلوعته

وسنده

استشهدت أنا محمود

أمي آمنة

آخر العنقود "شام"

وحفيدنا الذي انتظرناه 5 سنوات "آدم"

 ولم يعش إلا خمسًا وأربعين يومًا

قال لكم أبي "وائل الدحدوح"

لحظة وداعي "معلش"

وأخبركم أنه لم يستطيعوا إسكات صوته

انتقموا منه في الأولاد

أنا محمود

رحلتُ وبقيت خلود تروي لكم

بقية الحكاية.. حكايتي وأطفال غزة

قبل أيام همست على شاهد قبري:

"معلش يا ضحكة البيت"